إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 26 فبراير 2011

أيّها الشاب



لو خيرت بين الموت أو أن يهتك عرضك ماذا تختار؟ إذا كيف ترضى لنفسك الوقوع في محارم النّاس؟

أخي الحبيب...
أرجو أن تقرأ هذه الرسالة بنفس الهدوء الذي كتبت لك به بعيدا عن الانفعال أو اتخاذ موقف سلبي قبل أن تستكمل قراءتها، فالعاقل الفطن من يستمع ويقرأ للنهاية ثم هو وشأنه!
قد يقوم البعض منّا بأعمال يكون دافعه لها الشهوة المجردة دون التفكير المتعقل لعواقبها ومن ذلك ما يقوم به المعاكس للنساء لذا نقول له: دعنا نقف معك قليلا ونلقي الضوء على ما تقوم به:

1 ـ إنّ الفتاة التي تعاكسها هي من أفراد مجتمعك ويعني ذلك أنّك تساهم في إفساده إرضاء لشهوتك وكان من المفترض ـ وأنت ابن الإسلام ـ أن تسهم في إصلاحه. فهل ترضى لمجتمعك وفتياته الفساد؟*!
2 ـ إنّ الفتاة التي تعاكسها وتسعى إلى أن تفعل بها الفاحشة أو أنّك قد فعلت: إنّما هي في المستقبل إن لم تكن زوجة لك فهي زوجة لقريبك أو لأحد من المسلمين، وكذلك الفتاة التي عاكسها غيرك وساهم في إفسادها قد يبتليك الله بها عقوبة لك في الدنيا قال تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ} [النور:26].

3 ـ إنّ فساد النّساء يعني فساد المجتمع وقد يبدأ من شخصك أو ممّا تساهم في تنشيطه وينتهي في المستقبل مع قريباتك، ومن أفسدتها اليوم أنت أو غيرك قد تكون صديقة لزوجتك أو أختك أو قريبتك ويقمن بإفسادها ودلالتها على طريق الغواية.. فهن جزء لا يتجزأ من مجتمعك وقد حذر نبيك من مغبة الأمر فقال صلى الله عليه وسلم: «فاتقوا الدنيا واتقوا النّساء فإنّ أول فتنة بني اسرائيل كانت في النّساء» [رواه مسلم].
4 ـ إن كانت الفتاة ترضى أن ترتبط معك في علاقة محرمة فما ذنب أهلها بتدنيسك لعرضهم؟ ثم هل طواعيتها لك عذر مقبول لاعتدائك؟! بمعنى آخر لو أنّ أحدا من النّاس بنى علاقة غير مشروعة مع أحد قريباتك ثم اكتشفت ذلك فهل يكفيك عذرا أن يقول لك من هتك عرضك: هي التي دعتني لذلك لتغفر له خطيئته؟ وأسوق لك حديث الشاب الذي جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال له: «إئذن لي بالزنا ؟ فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا: مه مه ؟ فقال: أدنه فدنا منه قريبا قال: فجلس. قال: أتحبه لأمك قال: لا والله، جعلني الله فداءك قال: ولا النّاس يحبونه لأمهاتهم قال: أفتحبه لابنتك؟ قل: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك قال: ولا النّاس يحبونه لبناتهم قال: أفتحبه لأختك؟ قل: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك قال: ولا النّاس يحبونه لأخواتهم. قال: أفتحبه لعمتك؟ قل: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك قال: ولا النّاس يحبونه لعماتهم. قال: أفتحبه لخالتك؟ قل: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك قال: ولا النّاس يحبونه لخالاتهم. قال فوضع يده عليه وقال: اللّهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء» [رواه أحمد عن أبي أمامة].

5 ـ لو خيرت بين الموت أو أن يهتك عرضك ماذا تختار؟ إذا كيف ترضى لنفسك الوقوع في محارم النّاس؟! قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون أهله فهو شهيد» [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وهو صحيح].
6 ـ ما هو الشعور الذي ينتابك وأنت تعيش في مجتمع خنته وهتكت محارمه وأفسدت نسائه؟

7 ـ هل يكفيك من الفاحشة أن تقوم بها مرة ـ مرتين ـ ثلاث أم أنّ الشيطان يريد لك الهلاك؟ فالأمر لا يتوقف وهو مسلسل سقوط خطير في دنياك وآخرتك قال تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر:6].
8 ـ سمعت عن القول المأثور (الجزاء من جنس العمل) فهل أنت مستعد أن تبتلى في عرضك الآن أو حتى بعد حين مقابل التنفيس عن شهواتك؟ قد تقول: أتوب قبل أن أتزوج أو أرزق بنتا! فأسألك: هل تضمن أنّ الله يقبل توبتك ولا يبتليك؟! قال تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا..} [الشورى:40]. واعلم أنّ الذئاب كثير ولك أم وأخت وزوجة وبنت وابنةعم وابنة خال.. فاحذر وانتبه!
قال الشافعي رحمه الله:
عفوا تعف نساؤكم في المحرم *** وتجنبوا ما لا يليــق بمســـلم
إنّ الزنى ديــــن فإن أقرضته *** كان الوفاء بأهل بيتك فاعلم
9 ـ إذا صنف النّاس إلى صنفين: مصلحين ومفسدين فأين تصنف نفسك؟ وقد نهى الله عز وجل عن الفساد قال تعالى: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا..} [الأعراف:56].
10 ـ ما هو شعورك وأنت تفعل الفاحشة بزانية يدخل عليك والداك وإخوانك وكل صديق يثق بك ويحبك وكل عدو يود أن يشمت بك ثم الناس كلهم ويرونك على هذه الحال، بل ما هو موقفك وأنت بعيد عن أعينهم في مأمن لكن عين الله تراك؟ وهل تذكرت وقوفك بين يدي الله في أرض المحشر عندما «ينصب لكل غادر لواء فيقال: هذه غدرة فلان» كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري.

11 ـ إن كنت ذكيا وحاذقا واستطعت بذكائك التلاعب بأعراض المسلمين دون أن يكتشف أمرك فما هو موقفك من قول الله تعالى: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ} [إبراهيم:42].
12 ـ هل تظن أنّ ستر الله عليك في هذا العمل كرامة؟ لا بل قد يكون استدراجا لك لتموت على هذا العمل وتلاقي الله به «إنّ الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته» [رواه البخاري ومسلم]، «ومن مات على شيء بعثه الله عليه» [السلسلة الصحيحة:1/ 282].

13 ـ ثم لنفترض أنّ الله ستر عليك، أفلا تستحي منه وتتوب، وإلى متى وأنت تفعل الذنوب؟!
14 ـ نهاية طريق حياتك الموت {..ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ..} [البقرة:281]، فهل تستطيع أن تشذ عن الخلق وتغير هذا الطريق؟*! إذا لماذا لا تستعد للموت وما بعده والقبر وظلمته والصراط وزلته !؟! واعلم أنك تموت وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك.

15 ـ روى البخاري في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنّه أتاني الليلة آتيان وإنّهما قالا لي انطلق ـ وذكر الحديث حتى قال: فأتينا على مثل التنور فإذا فيه لغط وأصوات فاطلعنا فيه فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم، فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضوا» فلما سأل عنهم الملائكة قالوا: «وأمّا الرجال والنّساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنّهم الزناة والزواني». فهل تود أيها الشاب أن تكون منهم؟!
16 ـ قد تقول لا أستطيع الزواج لغلاء المهور فهل الحل الوقوع في الحرام؟! ثم إنّ سلوكك طريق الحرام تواجهك فيه مصاعب وتسعى جادا لتذليلها بجهدك ومالك وفكرك وأنت مأزور غير مأجور فلماذا لا تكون لك هذه الهمة في طريق الحلال فتواجه الصعوبات، وأنت مأجور لك الأجر وحسن المثوبة والذكر الحسن؟ قال صلى الله عليه وسلم: «ثلاث حق على الله عونهم ـ ذكر منهم ـ الناكح يريد العفاف» [أخرجه الترمذي والنسائي وحسنه الألباني].

فماذا تختار؟
إنّ ممارسة الشيء والاستمرار عليه مدعاة لحبه والدعوة إليه، فيخشى على من داوم فعل هذه الفاحشة أن يستسيغها حتى في أهله بعد حين فيصبح ديوثا والعياذ بالله من ذلك.

أخي المسلم...
قد تكون المرأة التي بدأت معها علاقة غير مشروعة عن طريق الهاتف متزوجة وفي لحظة ضعف أو غياب وعي استرسلت معك في الحديث ثم قمت بالتسجيل كالعادة ثم بدأت بتهديدها.. الخ، هل تعلم أنّك بهذا العمل قد ارتكبت جريمة شنعاء؟!! ليس في حق المرأة فقط بل وفي حق زوجها الذي أفسدت عليه زوجته والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس منّا من خبب ـ أفسد ـ امرأة على زوجها» [رواه أبو داود]، ثم في حق أطفالها إن كان لديها أطفال فما ذنبهم أن يدنس عرضهم ويفرق بين أبويهم وقد يكون ذلك أيضا سببافي ضياعهم وانحرافهم. والمسؤول عن ذلك كله هو أنت فما هو عذرك أمام الله؟
وختاما...
نتمنى أن لا تكون ممّن قال الله فيهم: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ } [البقرة:206]، ولكن عد إلى الله واعلم أنّ التوبة تَجُب ما قبلها وسارع إلى االتوبة النصوح قبل أن توسد في قبرك وتحصى عليك أعمالك.
قال تعالى: {فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة:39].
وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ (54)} [الزمر:53-54].
أخي الشاب..
اغتنم شبابك قبل هرمك وحياتك قبل موتك واجعل هذا الذكاء وهذه الفطنة لنفع الإسلام والمسلمين ورفع شأن راية الدين. جعلك الله هاديا مهديا إماما في الخير والهدى ورزقنا جميعا العفاف والتقى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ليست هناك تعليقات: